يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
كان في حارتنا مسجد صغير يؤم الناس فيه شيخ كبير في السن وذات يوم التفت الشيخ إلى المصلين وقال لهم ما بال أكثر الناس خاصة الشباب لا يقربون المسجد ولا يعرفونه ، فأجابه المصلون إنهم في المراقص والملاهي قال الشيخ ما هي المراقص والملاهي ؟
فرد عليه أحد المصلين وقال المرقص صالة كبيرة فيها خشبة مرتفعة تصعد عليها الفتيات عاريات أو شبه عاريات يرقصن والناس حولهن ينظرون إليهن.
قال الشيخ : والذين ينظرون إليهن من المسلمين ، قالوا نعم ، قال لا حول ولا قوة إلا بالله يجب أن ننصح الناس ، قالوا له يا شيخ أتعض الناس وتنصحهم في المرقص ، فقال نعم هيا بنا إلى تلك المراقص
فحاولوا أن يثنوه عن عزمه وأخبروه أنهم سيواجهون بالسخرية والاستهزاء وسينالهم الأذى ، فقال وهل نحن خير من محمد صلى الله عليه وسلم وأمسك الشيخ بيد أحد المصلين ليدله على المرقص ، وعندما وصلوا إليه سألهم صاحب المرقص ماذا تريدون؟
قال الشيخ: نريد أن ننصح من في المرقص ، تعجب صاحب المرقص وأخذ يمعن النظر فيهم ورفض السماح لهم فأخذوا يساومونه ليأذن لهم حتى دفعوا له مبلغ من المال يعادل دخله اليومي ، فوافق صاحب المرقص وطلب منهم أن يحضروا في الغد عند بدأ العرض اليومي!
قال الشاب : فلما كان الغد كنت موجودا في المرقص ، فبدأ الرقص من أحدى الفتيات فلما انتهت ،أسدل
الستار ، ثم فتح فإذا بشيخ وقور يجلس على كرسي ، فبدأ بالبسملة والحمد لله والثناء عليه وصلى على الرسول
عليه الصلاة والسلام ثم بدأ في وعظ الناس الذين أخذتهم الدهشة ، وتمالكهم
العجب ، وظنوا أن ما يرونه هو فقرة فكاهية ، فلما عرفوا أنهم أمام شيخ يعظهم ، فأخذوا يسخرون منه ويرفعون أصواتهم بالضحك ، والاستهزاء وهو لا يبالي بهم ، واستمر في نصحه ووعظه حتى قام أحد الحضور وأسكت الناس وطلب منهم الإنصات لما يريد قوله ذلك الشيخ فبدأ السكون والهدوء يخيم على أنحاء المرقص ، حتى أصبحنا لا نسمع إلا صوت الشيخ ، فقال